الإنسانية في خطر !

مقالات مشابهة

تركيا التي رأيت !

13 أغسطس، 2023

هل فكرت يوماً في الانتحار ؟

28 مارس، 2021

كورونا – حديث من القلب للقلب !

16 ديسمبر، 2020

منذ أن تمت إضافة الكاميرات للأجهزة الذكية والناس في حالة لا يمكن وصفها إلا بالجنون ، هوس وجنون التصوير فاق كل التصورات والتوقعات ومن خلاله إكتشفنا أننا أضعنا إنسانيتنا التي تُميزنا عن كل الكائنات الحية الأخرى ،  وزادت المشكلة تعقيداً بأن دخلت برامج التواصل الإجتماعي الى كل البيوت.

بسبب الكاميرا وبرامج التواصل الإجتماعي بدأنا نشاهد جرائم إخلاقية يرتكبها المشاهير بحق الجماهير التي تتابعهم وتحبهم وتثق بهم دون أي رادع إخلاقي يمنعهم عن ذلك ، ستشاهد تلك الفاشنيستا أو تلك العارضة أو الشهيرة وهي تروج لعلميات التجميل بكافة أشكالها من قص ونفخ وشفط ، حتى أصبح الجميع نسخة واحدة ولكن مُكررة.

وستشاهد تلك الشهيرة كذلك وهي تستخدم برامج معالجة الصور لتغيير حقيقتها ، وستشاهد تلك الفنانه وهي تضع صور مختلفة تماماً عن واقعها عبث بها المصورون كما عبث الجراحون في جسدها ، ليُصدق الجميع ذلك الكمال فيبدأون بالمقارنة دون علمهم أن لا شيء حقيقي في هذه الصورة فلا اللون لونها ولا النعومة نعومتها ولا تلك التضاريس تضاريسها الحقيقية.

وبسبب الكاميرا و مع إنعدام التربية و الحياء بدأنا نشاهد الظهور بدل الوجوه ، وبدأنا نرى العُهر علانية دون أي خجل أو حياء ، ولأن الجسد أصبح اسهل الطرق لجمع المال ، إمتلئت برامج التواصل الإجتماعي بصور لا نشاهد فيها الوجوه !

وبسبب الكاميرا تغيرت عاداتنا وأولوياتنا وأصبحت العلاقات العائلية في خطر وأصبح بعضنا يعيش في هذا الواقع الإفتراضي بعيداً عن الحقيقة ، يذهب أحدنا الى أصدقائه فنجلس جميعاً وكل منا يُحدق في جهازه جسده معهم وعقله وروحه في مكان بعيد للغاية.

وبسبب الكاميرا بدأ الناس يرتكبون الجرائم دون أي وازع من ضمير أو حتى خوف من القانون ، رجل يُصارع الموت وبدلاً من إنقاذه يقومون بتصويره ، فتصوير إنسان يحتاج الى مساعدة أو إسعاف جريمة يعاقب عليها القانون ، لكن الأهم مع برامج التواصل تصويره ونشره في برامج التواصل الإجتماعي للحصول على السبق !

حتى المسعفين بدأت تتغير أولوياتهم فقد شاهدت قبل فترة أحد المسعفين وهو يصور هاتف متوفى بحادث سير وفيه رسالة من والدته ترغب في الإطمئنان عليه مع عرض جُثة المتوفي وهي مُلقاة على الطريق ، وقد إنتشر ذلك المقطع في كل أجهزتنا دون التفكير في خطأ ذلك المسعف مُعتقداً بأنه يقوم بعمل إنساني من خلال تذكيره بمضار إستخدام الجوال أثناء القيادة !!

قبلها مئات بل ألاف الجرائم بحق الإنسانية كذلك الرجل الذي كان يصور حالة إنتحار شخص من فوق أحد الجسور قبل عدة سنوات مُعلقاً على المشهد وعندما سقط المُنتحر ذهب لتصويره وهو يعلق لأصدقائه ما حدث معتقداً بأنه حصل على سبق صحفي دون تكليف نفسه مساعدته أو الإتصال بالمسعفين لإسعافه ، مع أن ما قام به جريمة قانونية وإنسانية تُدخله السجن عدة سنوات.

هل تذكرون تلك المرأة التي كانت تصور محاولة إنتحار عاملتها المنزلية قبل عدة سنوات ؟ بدلاً من الإتصال بالشرطة أو الدفاع المدني كانت تقوم بالتصوير ثم قامت بعد ذلك بنشره حتى وصل الى الجميع ، أتذكر بأن الجهات الأمنية إستدعتها وتم توجيه الإتهامات ولا أعلم هل أُدينت أم لا.

الكاميرا المحمولة في أجهزتنا كشفت كمية الحُمق التي تكتنفنا وكمية الجنون التي في رؤسنا وعدم إنسانيتنا أو حتى مهنيتنا ، حمل الكاميرا مع هذه النوعيات من البشر جريمة في حقنا ويجب تطبيق القوانين الرادعة لأيقاف المستهترين والمجانين وعديمي الإنسانية.

كلاسي