تركيا التي رأيت !

مقالات مشابهة

هل فكرت يوماً في الانتحار ؟

28 مارس، 2021

كورونا – حديث من القلب للقلب !

16 ديسمبر، 2020

الخبير يغوص في أعماق الإنسان !

15 نوفمبر، 2020

في البداية يجب أن أقول أن لي تحفظات تاريخية على الأتراك حينما حكموا العالم الإسلامي فقد عانت الجزيرة العربية الظُلم والتهميش، كما أنني ضد نشر الثقافة التركية في البلاد العربية من خلال مسلسلاتهم التي لا تعكس واقعهم، ومع كثرة القيل والقال قررت زيارتهم لرؤيتهم عن قرب، فأنا لا أحمل العداوة للأتراك وإنما أعتبرهم شعب جار و للجار حق الجيرة، وأرى أنه يمكن بناء علاقات تخدم المصالح المشتركة بين بلداننا وبلدهم.

سمعت عن عنصرية الأتراك ضد العرب، عن مواقف الخليجين هناك وعندما أعلنت في حسابي على السناب أني سأزورهم وصلتني الاف الرسائل ما بين إرشادات وتوصيات وطلبات وتعجب كيف سأزورهم ؟

من خلال تعليقات المتابعين رأيت الوسطيون الذين يستمتعون بالسياحة وبعضهم يحب تركيا ويعشق زيارتها ولكن دون تعصب ، ورأيت المتعصبون الذين يعشقون تركيا أكثر من الأتراك أنفسهم ولا يقبلون إلا بمدحهم والثناء عليهم والدعاء لرئيسهم ، وكذلك رأيت الكارهون لها الرافضون لزيارتي لهم !

كانت رحلتي على إحدى شركات الطيران الاقتصادي التي ستهبط في مطار صبيحة وقد سمعت عشرات التحذيرات من الهبوط به بدلاً من مطار إسطنبول الجديد ، لذلك كُنت مستعداً ومتأهباً فقد أستخرجت تأشيرة الدخول من الإنترنت وقد أخطأت في أحد الأحرف في إسمي فراسلت وزارة الخارجية لتعديل الحرف لكنهم طلبوا مني التقديم مرة أخرى والدفع من جديد وهذا ما قمت به، كما دفعت مبلغاً آخر للمرور السريع عبر الجوازات وتفاجأت انه يحمل مرور سريع بينما الحقيقة أن هناك الكثير من الناس الذين دفعوا للمرور السريع ليصبح بطيء !

كانت. الإجراءات سلسلة ولم أجد ما يضايقني أو يعكر صفو رحلتي وأعتقد أن ترددي على مطار القاهرة القديم والجديد أعطياني لقاح ضد رفع مستوى التوقعات بل خفضها للمستويات الدنيا دائماً، لذلك كانت البداية مبشرة بالخير، ولأني سمعت الكثير عن سائقي سيارات الأجرة ( التاكسي ) فقد اتفقت مع أحد السائقين لانتظاري في المطار وبالفعل فور أن وصلت استقبلني بكل رحابة وقام بتحميل الحقائب ليكون اليوم الأول أجمل بكثير من توقعاتي.

تركيا شهيرة سياحياً في السعودية والخليج بل والعالم العربي من شرقه الى مغربه لذلك سمعت وشاهدت وقرأت الكثير من الغزل في تركيا وجمالها ولذة طعامها، وسمعت وشاهدت وقرأت الكثير عن عنصريتهم وعنفهم وشدتهم، والآن أنا في الميدان لأرى بنفسي ما رأوه.

الحقيقة أن هناك الكثير من المتابعات العاشقات لتركيا المتيمات بها، لذلك وصلتي مئات الرسائل التي تقول حتى قبل أن أسافر أن رأيك لن يكون مُنصفاً لتركيا لأنك ستزورها في أشد ايامها حرارة في أواخر يوليو وأوائل أغسطس وكان هناك الكثير من ( الرجاء ) بتأجيل موعد السفر لشهر أكتوبر أو نوفمبر، وهذا ما لفت نظري الهذا الحد يصل العشق والحب لمدينة أو دولة ؟

سكنت أمام البسفور ( والسفور مضيق يصل بين البحر الأسود وبحر مرمره ) في فندق مطل عليه ويطلقون عليه ( غلطة بورت ) مكان نظيف وجميل وإطلالة آسرة وجميلة على بحر زُرقته تسر الناظرين، وهو فندق مُكلف ولكن قربه من البسفور يجعله يستحق ، زرت الكثير من الأماكن الجميلة ما بين اسواق و مولات واسواق شعبية و ملاهي ومقاهي مُطلة خلال عشرة أيام قضيتها كلها في إسطنبول.

وأكثر ما تعجبت منه وجعلني أبدو كاليابانيين حينما يزورون بلدان أخرى ويتعجبون منها ساحة السلطان أحمد التي يقع فيها الكثير من المساجد منها مسجد ايا صوفيا ، حيث ستُبهرك الخضرة وزُرقة السماء وجمال ونظافة المكان، ستستشعر التاريخ كيف أن أبطال الجزيرة أوصلوا الإسلام لكل تلك البقاع البعيدة ، ستشعر بالانتماء فالدين بيننا وبينهم واحد.

لكن أكثر ما تعجبت منه مديح المادحين للمطاعم التركية فهي تعتمد على اللحم الذي ستمله بعد يوم ونصف لا أكثر، حينها سترغب التغيير، شاهدت الكثير من المقاطع عن إفطار تركيا الشهي وتلك الجبنة الساخنة التي يتم رفع اجزاء منها بالملعقة لتبدو شهية ولذيذه بينما الطعم أقل من ما أعتدنا عليه، أفطرت في أماكن عديدة فوجدت مطاعهم لا تستحق كل ذلك المديح ولا كل ذلك الاطراء فلم أشاهد في كل تركيا خُبزا ساخناً، بل نوعيات من الخبز لم نعتدها في بلادنا، باردة صعبة القطع وغير لذيذة.

وحينما أردت التغيير وتذوق المطاعم الإيطالية وجدتها بنكهة تركية، الحقيقة أني زرت الكثير من المطاعم في أماكن عديدة وأرى أن مطاعم السعودية تتفوق كثيراً سواء في الخدمة او الطعم أو الأجواء أو النظافة أو حتى السعر، فهناك أدفع ثلاثة اضعاف ما أدفعه في المملكة.

لا أقول أن الطعام سيئ ولكنه أقل من المديح والثناء الذي نشاهده في الإنترنت بكثير، طعامهم بلا نكهات، المزات والحمص والمتبل وسلطة السيزر ستجدها ولكن بمستوى أضعف المطاعم لدينا.

قالوا لي أن الأجواء سيئة وأن الحر شديد والرطوبة مرتفعة لكني أستمتعت بتلك الأجواء لأنها أفضل بكثير مما تعودته هنا في السعودية.

أما الأسواق فقد حرصت على المنتجات التركية التي سمعت عن جودة منتجاتها وكانت صدمتي أنها كبعض المراكز الكبيرة المنتشرة في شوارعنا التي تبيع المنتجات الصينية التي تناسب المنزل ولكنها لا تناسب المتأنقين الراغبين في الأقمشة الجيدة والحياكة الممتازة ( ودي أقول الاسم زي محل ذاك اكبر شي في مصر )

لكن هناك بعض المحلات الجيدة في أقمشتها و خياطتها لكنها قليلة وتحتاج الى بحث فالمحلات المنتشرة في كل الأسواق والمولات أقل من المأمول، وستجدها في كل مول تدخله، وعموماً قمت بالتسوق من المحلات التي قلت لكم وأعجبتني كثيراً.

هناك الماركات العالمية المعروفة وأسعارها أقل من المملكة لكني أعتقد أن ضياع وقتك في التسوق من مكان يتواجد في مدينتك ضياع لوقتك حتى ولو كنت ستجده هناك بشكل أرخص، فالوقت ثمين ويجب أن تضيعه في أشياء قد لا تجدها في منطقتك.

قمت بزيارة قصر دولما أو ما يسمونه بهجة قصر السلاطين وأصبت بحيرة وأنا أشاهد تاريخهم وتاريخ سلاطينهم ! وقلتها لنفسي ( وش عندي جاي قاط معهم ) ( وش علي من تاريخهم وتاريخ سلاطينهم ؟ ) خصوصاً بعد أن شاهدت سعودية شتمها أحدهم قائلاً ( فكنغ أراب ) المكان جميل ورائع وعلى البحر مباشرة ولكنه تاريخهم لا تاريخي وأنا أحمل بقلبي الكثير بسبب إهمالهم لنجد التي كانت تعاني الفقر والجوع والمرض !

كنت أسير في تلك الأماكن المحددة في القصر ويبدو أني بدلاً من الذهاب مع المكان الذي يقودني للخروج فنبهني حارس الأمن بطريقة فيها استهتار كبير فقلت سبحان الله البداية عنصرية ضد سعودية ثم افكاري التي كنت اتسائل ( ليه قاط معهم في تاريخهم ) والآن هذا الموقف الذي لم أتركه للحارس بل رددت عليه بفضاضة أشد من تلك التي أستخدمها معي !

والأتراك شعب شرس فيه من الجلافة ما يملأ بحارهم ووديانهم وغاباتهم، ولأني أنتبه لما لا ينتبه له الناس أقولها بضمير مرتاح ( الأتراك لا شهامة فيهم ) فلو سالت تركياً عن مكان لما أجابك، ولو طلبت مساعدة لما ساعدك، لذلك إياك أن تسألهم أو تطلب مساعدتهم في أي شيء،!

رغم أني وجدت الكثير من الترحيب من أهل المحلات والمطاعم وكثير منهم يخرج معي الى باب المحل مودعاً، وما دام أنك ستشتري منه أو تأكل في مطعمه فسيتعامل معك كما تحب، لكن أذهب للشارع لتستفسر عن شيء، أذهب لرجل أمن داخل المول لتقول أين المخرج ؟ مازحت الكثيرين رجالاً ونساء وتقبلوا الكثير مني.

وأنا لم آتي لاصادقهم أو أناسبهم لذلك تعاملت مع الأمر بأريحية شديدة فتلك هي طباعهم والشراسة والجلافة حتى فيما بينهم، ومن نتعامل معهم يبدو لي بأنهم غير متعلمين بل ( حرفيه )

على النقيض تماماً السائقين الذين تعاملت معهم والذين جعلوا من رحلتي ( جميلة ) و ( سلسلة ) بل و ( رائعة ) والسبب أنهم من تلك البلدان التي على الحدود السورية وتعود اصولهم الى ( العرب ) ففيهم ( مرجلة ) و ( شهامة ) و ( أمانة ) و ( أدب ) أحدهم نسيت محفظتي معه فاتصل بي قائلاً اني نسيت المحفظة ورغم أنها مدججة بالبطاقات والدولارات والريالات والليرات إلا أنها أعادها لي كما تركتها.

لذلك لا يمكن أن تقيس زيارتي عليك أو على الآخرين فمنذ أن بدأت التحضير لهذه الزيارة وأنا كل همي أن أتقي ( شرهم ) سواء في المطار أو مع سائقي الأجرة ( التاكسي ) لذلك إتخذت الإجراءات التي تسهل علي الزيارة فكل تنقلاتي كانت بسيارات خاصة سائقيها يتكلمون العربية بطلاقة.

اسطنبول جميلة وبحرها أزرق يسر الناظرين أما الأماكن السياحية فيها فكثيرة ومتعددة وتناسب الجميع، نساء وأطفال وكبار ورجال وصغار، ومستوى الآمان فيها مرتفع، وقد آمن على قريبتي في السفر لوحدها أو مع ابنائها أو أهلها.

لم أشاهد العنصرية إلا مع تلك السعودية التي وجه له أحدهم تلك الكلمة لكني شاهدت الجلافة مثلها مثل الدول التي تجاورها جورجيا مثلاً الذين يشابهونهم في الجلافة.

في الشمال التركي تقل التكاليف الى النصف في المطاعم فقد سكنت طرابزون وأعجبتني كثيراً في أجوائها وخضرتها وعدد الأماكن التي يمكن زيارتها ( كشتات ) ومن يحب الاستجمام والإستكنان كما يقولون ويبحث عن الخضرة والماء والغيم والأجواء الجميلة فعليه بالشمال في تركيا.

أخيراً يحتاج الأتراك الى تغيير طباعهم ليصبحوا كأرضهم الجميلة وأجوائهم الرائعة فالسائح يأتي ومعه الخير وهو الدولار الذي يرفع اقتصادهم.

تقييمي للرحلة 8 من 10 والسبب في هذا التقييم المرتفع تفهمي للاختلافات بين البشر، فهذه طباعهم وهذه سماتهم ولم آتي لآناسبهم أو أصادقهم إنما أتيت لتجربة شيء جديد والإستمتاع بالأجواء والخضرة، وتقييمي يوضح مدى سعادتي أثناء تواجدي هناك، كما أن احتياطاتي الكثيرة مثل المرور السريع والتأشيرة التي استخرجتها قبل الوصول والسائق الخاص ومكان السكن مرتفع الثمن وغيرها من الأشياء اثرت في التقييم.